18 أغسطس 2008:
DPA ©
ألقى الخروج المبكر والمهين للمنتخب المصري من مسابقة كرة اليد بدورة الالعاب الاولمبية التاسعة والعشرين المقامة حاليا بالعاصمة الصينية بكين الضوء من جديد بشأن قضية الاحتراف في عالم كرة اليد وعدم فتح الطريق أمام النجوم المصريين للاحتراف في الاندية الأوروبية.
وسقط المنتخب المصري اليوم في فخ التعادل مع نظيره الأيسلندي 32/32 ليتبدد أمل الفريق حتى في الهروب من القاع على المركز قبل الاخير.
والتعادل هو الثاني للمنتخب المصري في المسابقة بينما خسر الفريق ثلاث مباريات متتالية ولم يحقق أي فوز في المباريات الخمس التي خاضها خلال منافسات الدور الاول.
وأعادت هذه النتائج إلى الاذهان خروج المنتخب المصري من المسابقة ذاتها في أولمبياد أثينا قبل أربع سنوات بعد أن مني بخمس هزائم متتالية أي أن وضع الفريق من المشاركة لم يتحسن كثيرا حيث احتل المركز الاخير في مجموعته بالدورتين وتقدم مركزا واحدا فقط في الترتيب العام بدورة بكين ليصبح في المركز الحادي عشر قبل الاخير.
وجاء هذا الاخفاق للمنتخب المصري في الدورة الحالية ومن قبله في بطولة العالم 2007 بألمانيا والتي احتل فيها المركز السابع عشر ليثير العديد من علامات الاستفهام خاصة وأن الفريق توج بين البطولتين بلقب بطولة كأس الامم الافريقية خلال كانون ثان/يناير الماضي في أنجولا.
ويؤكد ذلك أن المنتخب المصري لديه القدرة على تحقيق الفوز وانتزاع الالقاب ولكن على المستوى الافريقي فقط أما فيما يتعلق بالمستوى العالمي فيبدو الوضع مختلفا تماما.
وقد يثير ذلك تساؤلات أكثر وأكبر حول السبب الحقيقي في عدم قدرة المنتخب المصري على المنافسة عالميا رغم أنه كان في التسعينيات من القرن الماضي وفي بدايات القرن الحالي أحد القوى الكبيرة في عالم كرة اليد على مستوى العالم.
وشهد تاريخ كرة اليد العالمية العديد من الصولات والجولات للمنتخب المصري وكان أبرزها في أولمبياد أتلانتا 1996 عندما احتل الفريق المركز السادس ثم تراجع مركزا واحدا في أولمبياد سيدني 2000 .
وعلى مستوى بطولات العالم نجح الفريق في الفوز بالمركز الرابع خلال بطولة العالم 2001 بفرنسا والسادس في بطولتي العالم 1995 بأيسلندا و1997 باليابان والمركز السابع في بطولة العالم التي استضافتها بلاده عام 1999 .
ولكن المشكلة لم تكن فقط في النتائج الهزيلة التي قدمها الفريق في دورتي أثينا 2004 وبكين 2008 أو في بطولة العالم 2007 بألمانيا والخروج المبكر منها جميعا وإنما كانت المشكلة في أن مستوى الأداء المصري في عدد من فترات المباريات التي خاضها في أولمبياد بكين يفوق منافسيه بل إنه كان الاقرب للفوز فيها جميعا.
لكنه أهدر الفوز تلو الاخر بسبب نفس السلبيات التي يعاني منها منذ بداية الدورة وهي عدم الحفاظ على مستواه حتى النهاية بالاضافة لتوتر أعصاب لاعبيه في الاوقات الحاسمة وعدم الحفاظ على أي فارق يتقدم به الفريق على منافسيه خلال المباريات.
والدليل على ذلك أن الفريق تفوق على نظيره الكوري الجنوبي في الجولة الرابعة من المسابقة أمس الاول السبت بفارق وصل إلى خمسة أهداف في بعض فترات المباراة لكنه سرعان ما سقط في فخ الهزيمة في نهاية المباراة بفارق هدفين.
وتكرر نفس الشيء في مباراة أيسلندا والتي وصل فيها الفارق لصالح مصر إلى أربعة أهداف ولكن الفريق الايسلندي حقق التعادل 32/32 في نهاية المباراة.
والمثير للدهشة أيضا أن الفريق يؤدي بشكل أفضل عند وجود نقص في صفوفه للطرد أو الاستبعاد ويؤدي أيضا بشكل أفضل عندما يشعر بالخطر لاتساع الفارق لصالح منافسه إلى ثلاثة أو أربعة أهداف لكنه يسقط دائما في الدقائق الاخيرة التي كلفته الهزيمة أمام روسيا وألمانيا وكوريا الجنوبية والتعادل أمام الدنمارك وأيسلندا.
ودافع حسن عواض نجم المنتخب المصري عن فريقه مؤكدا أنه استعد تماما للمنافسة في الدورة ولكن بعض الاسباب البعيدة عن مستوى الفريق كانت وراء الخروج المبكر.
وقال عواض في تصريح خاص لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) بعد تأكد احتلال فريقه اليوم للمركز السادس الاخير في مجموعته إن الفريق تدرب جيدا في إطار الاستعدادات لهذه البطولة ولكن التوفيق لم يحالفه فيها.
وأشار إلى أن الفرق المنافسة في المجموعة في غاية القوة أيضا وكان ذلك أحد العوامل لكن العامل الاساسي هو عنصر الاحتراف والفارق بين المنتخب المصري ومنافسيه في هذه النقطة.
وأوضح أن المنتخبات المنافسة بما في ذلك المنتخبات الأوروبية تملك جيشا من المحترفين خارج بلادها حيث يحترف اللاعبون في أندية بارزة فيرتقي مستوى الفريق بأكمله بينما يضم منتخب مصر لاعبين اثنين فقط يحترفان بالخارج مما يجعل هناك فارقا في المستوى.
وأشار إلى أن الاحتراف مهم للغاية خاصة في الاوقات العصيبة في نهاية المباريات والتي يرى البعض أنها كانت المشكلة بالنسبة لمنتخب مصر في هذه الدورة.
والمتابع لأداء المنتخب المصري في مبارياته بأولمبياد بكين وكذلك للسلبيات التي أظهرها في تلك المباريات يدرك أن افتقاد الفريق لوجود عدد من المحترفين مماثل لما هو عليه في المنتخبات المنافسة.
والحقيقة أن احتراف اللاعبين المصريين في الخارج يجد العديد من الصعوبات أبرزها تمسك أنديتهم المصرية بهم وعدم الرغبة في التفريط فيهم بأي ثمن.
وتتعلل الاندية بالعديد من الاسباب في مقدمتها أن العقود التي تصل للاعبين لا تفي بحق الاندية في رعاية هؤلاء اللاعبين خاصة وأن كرة اليد في مصر ليست من الرياضات التي تدر دخلا كبيرا على الاندية ومن ثم فإن التفريط في أي لاعب لابد وأن يكون بمقابل جيد.
كما تتعلل الاندية بأن تطبيق الاحتراف في مجال كرة القدم وفتح الطريق أمام اللاعبين للاحتراف الخارج لم يعد على الكرة المصرية بالكثير كما كان متوقعا فمنذ تطبيق الاحتراف الداخلي في مصر وفتح الباب على مصراعيه أمام الاحتراف الخارجي في بداية التسعينيات من القرن الماضي لم يصل منتخب مصر إلى كأس العالم للكبار.
كما يرى المسئولون بالاندية أن منتخب مصر حقق إنجازاته العالمية في أواخر القرن الماضي وبداية القرن الحالي بلاعبين من الأندية المحلية ولم يكن لديه محترفين بالخارج.
لذلك ما زالت قضية فتح باب الاحتراف الخارجي أمام لاعبي كرة اليد المصريين معادلة صعبة تبحث لها عن حل وقد يكون الاخفاق في بكين هو البداية لإيجاد هذا الحل.